20 - 10 - 2025

مؤشرات | من يُشعل الحرب مجدداً في غزة؟

مؤشرات | من يُشعل الحرب مجدداً في غزة؟

"نتنياهو رجل كذوب" هي خلاصة القول التي يؤكدها الواقع منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفتح المعابر لدخول المساعدات إلى أهل القطاع، واستلام إسرائيل للمحتجزين والأسرى، ورفات الموتى، وهو ما تم فعلياً الأيام الأخيرة.

ولنتوقف أمام مختلف تصرفات الكيان المحتل على مدى 11 يوما من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والأيام السبعة الماضية منذ قمة شرم الشيخ، سنجد أن هناك محاولات، بل وقائع تقوم بها حكومة وقوات الاحتلال، لإفشال خطة السلام، والمساعي المصرية والأمريكية والعربية والدولية، لتحقيق خطوات على أرض الواقع لسلام دائم في غزة، والأراضي الفلسطينية.

وكانت البداية وبعد خمسة أيام على دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة و24 ساعة على قمة شرم الشيخ للسلام، أي يوم 14 أكتوبر الجاري، كانت الانتهاكات الإسرائيلية سمة الوضع خصوصاً ضد المدنيين في قطاع غزة، وفي غضون يوم واحد من الاتفاق سقط 9 قتلي.

ومنذ هذا الوقت تشكك كثيرون في نوايا حكومة الاحتلال وعلى رأسها "النتن ياهو"، بل أن التزام إسرائيل بأي بند من الاتفاق هو محل شك، بل توقع مراقبون أن حكومة إسرائيل ستظل راس منظومة لإفشال خطة ترامب، والسعي لنسف أي جهود دولية هدفها العمل على تثبيت الهدنة وتهيئة الأجواء لوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع الجوعى.

والأرقام الرسمية تشير إلى أن إسرائيل ارتكبت 47 خرقاً بعد قرار وقف الحرب على غزة حتى يوم السبت 18 أكتوبر، وهو ما أسفر عن سقوط 38 شهيدا و143 مصابا فلسطينياً، - وفقاً لبيانات عن المكتب الصحفي لحكومة غزة- وذلك في سلسلة من الانتهاكات قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي زادت مع استلام تل أبيب الأسرى الإسرائيليين الأحياء لإسرائيل ومجموعة من جثث ورفات القتلى.

ووفق اعتراف "جيش الاحتلال" يوم الأحد 19 أكتوبر، فقد نفذت قوات الاحتلال 100 غارة وضربات قام بها الطيران على مناطق في جنوب ووسط قطاع غزة في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار ما أسفر عن استشهاد 44 فلسطينياً واصابة عشرات اخرين بجراح، خلال أقل من 24 ساعة.

وفي غضون ذلك تبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات، حيث زعمت تل أبيب أن الضربات هي رد على انتهاك من حماس على قوات الاحتلال ومقتل واصابة عدد من افراد تلك القوات، وهو ما نفته حماس، وتأكيدها على عدم وجود مقاتلين لها في جنوب غزة، وتحديداً رفح.

الغريب أن إسرائيل أبلغت الإدارة الأمريكية بقيامها بهذه الضربات الـ100، وأنها لم تطلب الإذن، بل سعت للحصول على ضوء أخضر بذلك، وهو ما فسره البعض بدعم أمريكي لمثل هذا الانتهاكات، والتي راح ضحيتها، أكثر من 80 مواطناً مدنياً فلسطينياً من سكان القطاع، بين شهيد وجريح.

ولا يعني ذلك تبرئة حماس من بعض الأفعال، فحتماً هناك خروقات تقوم بها مجموعات، قد تكون القيادة الحمساوية فقدت السيطرة عليها، ولا تؤمر بأوامرها، وهو ما ذكرته "كتائب القسام" في بيان لها، بالقول إنها غير مسؤولة عما جرى من انتهاكات، وأنه لا يوجد لها قوات في جنوب القطاع، وفي رفح أكثر تحديداً منذ مارس الماضي، ولا يوجد أي تواصل مع العناصر في هذه المنطقة.

وأكدت حماس التزامها بالاتفاق، لافتة إلى عدم وجود دليل على اختراقها اتفاق وقف إطلاق النار، قدمه الوسطاء أو الضامنون، وحمّلت إسرائيل مسؤولية أي تدهور أو انهيار للاتفاق، كما دعت الوسطاء والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل.

ومن المهم ملاحظة التفوق النوعي والعددي بين قوات الاحتلال وافراد مقاتلي حماس، يصبح الانتهاك مختلفاً بين الطرفين، فالخرق الإسرائيلي لوقف الحرب أكثر تدميراً، ويصيب الأبرياء من المدنيين، والسكان العائدين من مناطق اللجوء بحثا عن منازلهم، بعد حرب دامت عامين، دمرت الأخضر واليابس، وأكلت الزرع والضرع، بعدما حصدت مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وأصابت مئات الآلاف بالعجز التام، والأمراض الجسدية والنفسية.

الوضع ظل مقلقاً طيلة يوم الأحد، بعدما طالبت قوات الاحتلال السكان في غزة بالابتعاد عن الخط الأصفر، وأنها ستوقف إمداد غزة بالمساعدات حتى إشعار آخر، بل قامت القوات الإسرائيلية بشن أكثر من 30 غارة على خان يونس، مع تنفيذ موجة غارات واسعة طالت عشرات الأهداف في القطاع، لاسيما بمنطقة رفح، وزعمت تنفيذ اغتيالات ناجحة بمسيرات لعشرات العناصر من حماس، تركزت في وسط وشمال غزة.

وأمر بنيامين نتنياهو بالعمل بقوة في غزة، بعد الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي طيلة يوم الأحد 19 أكتوبر، على منطقة رفح جنوبي القطاع، وعلى جباليا شمالاً، وغرب منطقة الزوايدة وسط القطاع، ومخيم النصيرات وسط غزة فيما يشبه حربا واسعة النطاق، رداً على اشتعال آلية إسرائيلية في رفح.

الأهم أن المرحلة الراهنة تتطلب ضرورة تهيئة الأجواء لمرحلة مقبلة مهمة، والتي تتعلق بإعادة الإعمار وبرامج التنمية، وهذا يهم بالأساس الطرف الفلسطيني، ولبس الطرف الإسرائيلي الذي يترصد لإفشال أي هدوء وسلام، وهو ما تعكسه تصريحات مسؤولين بالكيان، وبينهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزراء آخرين، شعارهم حرب الإبادة.

صحيح أن إسرائيل انصاعت إلى الضغوط في الساعات الأخيرة، ووعدت باستئناف وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات، إلا أن التجارب مع نتنياهو وحكومته المتطرفة، تؤشر إلى أن الأمان لسلام ليس في قاموسه، والسؤال المطروح، هل من ضمانات أقوى، وفعل أسرع على الأرض، والأمر يتطلب الإسراع بقوات مراقبة على الأرض؟

----------------------------------------

بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | من يُشعل الحرب مجدداً في غزة؟